نسبة الشفاء من سرطان الغدة الدرقية

غدةٌ صمّاء إذا اعتلّت أصيب الإنسان بأمراض القلب والأوعية الدموية، وشعر بالبرودة أو الحر الشديدين، وفقد كثيرًا من الوزن أو اكتسبه بحسب طبيعة العلّة الموجودة.. إنها الغدة الدرقية التي تُنظِم ضربات القلب ودرجة حرارة الجسم ومستوى ضغط الدم، وتتحكم في عدة عمليات حيوية في الجسم أبرزها التمثيل الغذائي (عملية تحويل الطعام إلى طاقة).

ويُعَد السرطان أخطر العلل التي قد تُصيب تلك الغدة، فما نسبة الشفاء من سرطان الغدة الدرقية؟ وهل للكشف المبكر دور في رفع نسبة الشفاء تلك؟ نُجيب عن هذه الأسئلة -وأكثر- خلال مقالنا اليوم.

أهم المعلومات عن انواع سرطان الغدة الدرقية 

السرطان -عمومًا- مرض خبيث يُصيب خلايا الجسم الطبيعية فتتحول إلى خلايا شاذة عديمة الوظيفة، تنقسم بسرعة شديدة ولها قدرة كبيرة على الانتشار من العضو المُصاب إلى أي عضو آخر.

وإذا أصاب السرطان الغدة الدرقية فإنه يستهدف أحد أنواع الخلايا التالية (الخلايا المُكوّنة للغدة الدرقية):

  • الخلايا الحويصلية (Follicular cells): تُعد وِحدة البناء الأساسية للغدة الدرقية، وهي المسؤولة عن إنتاج هرمون “ثيروكسين” وإفرازه في مجرى الدم.
  • الخلايا الجار حويصلية (Parafollicular cells): خلايا منتشرة بجانب الخلايا الحويصلية تُفرز هرمون “كالسيتونين” الذي يؤدي دورًا هامًا في تنظيم مستوى عنصر الكالسيوم في الدم.

وتنقسم انواع سرطان الغدة الدرقية إلى نوعين وفقًا لنوع “خلية المنشأ” (أي الخلية التي أصابها السرطان)، فإذا تكوّن السرطان في الخلايا الحويصلية يُطلق عليه سرطان من النوع المتمايز (Differentiated thyroid cancer)، أما إذا أصاب الخلايا الجار حويصلية فحينئذٍ يُسمى سرطان الغدة الدرقية النخاعي.

إقرأ ايضا: مراحل سرطان الغدة الدرقية

كم نسبة الشفاء من سرطان الغدة الدرقية؟

تصل نسبة الشفاء من سرطان الغدة الدرقية إلى أكثر من 90% من إجمالي عدد المرضى المصابين عالميًا في حالة تشخيص المرض في مراحله المبكرة، فالسرطان مرض خبيث كلما تقدّمت مراحله تعقّدت حالة المريض.

دور الكشف المبكر في رفع نسبة الشفاء من سرطان الغدة الدرقية

يتطور مرض السرطان عبر مراحل، ففي بداية الإصابة تكون الأورام صغيرة الحجم وتبقى في العضو المصاب، ومع تطور المرض يكبر حجم الأورام وتنتشر بطريقة تدريجية بدايةً من الأنسجة المجاورة والعقد الليمفاوية وصولًا إلى أعضاء أخرى بعيدة عن العضو المريض.

ومما سبق نستنتج أن خضوع المريض للكشف المبكر فور ظهور اعراض سرطان الغدة الدرقية خطوة تُسهم بفاعلية في رفع نسبة الشفاء، فالنتائج العلاجية التي يحصل عليها مريض يعاني ورمًا خبيثًا صغير الحجم محدود الانتشار عادةً ما تكون أكثر فاعلية من النتائج المتوقعة عند البدء في علاج ورم خبيث ضخم شديد الشراسة وقد انتشر إلى سائر الجسم، ففي هذا الحال تكون رحلة علاج الورم والسيطرة عليه مُعقدة.

وذلك ما أكدته الدراسات، فقد أوضحت دراسة نشرتها المجلة الأوروبية للسرطان (European Journal of cancer) عام 2021 أن نسبة الشفاء من سرطان الغدة الدرقية وصلت إلى 93% في الحالات التي شُخِصّ فيها المرض وبدأت خطوات علاجه في المراحل الأوليّة.

  • الانتباه إلى الأعراض يساعد على الخضوع للكشف مبكرًا

ينبغي أن يكون ظهور اعراض ورم الغدة الدرقية دافعًا قويًا لزيارة الطبيب المختص في جراحة الأورام، فتجاهلها وتأجيل زيارة الطبيب يؤخران التشخيص، بالتالي تتقدم مرحلة السرطان وتصير الخطة العلاجية أكثر تعقيدًا.

وتشمل أعراض سرطان الغدة الدرقية التي يجب على المريض الانتباه إليها:

  • تورُّم الرقبة (العَرَض الأشهر).
  • تغيّر طبقة الصوت، فيكون مصحوبًا بـ “بحّة” أو يكون أضعف من ذي قبل.
  • صعوبة البلع نتيجة ما يُشكّله الورم الخبيث من ضغط على المريء.
  • الشعور بألم في منطقة الرقبة.
  • فقدان الوزن أو زيادته دون مُبرر واضح.
  • اضطرابات الشهية، أي زيادتها أو فقدانها.
  • معاناة تغيّرات مزاجية مستمرة.

فحوصات يستعين بها الأطباء للكشف عن انواع سرطان الغدة الدرقية

يتبع الطبيب أدق بروتوكولات التشخيص للكشف عن سرطان الغدة الدرقية وتحديد مرحلته، فخطوة التشخيص السليم وتصنيف مرحلة المرض هي حجر الأساس الذي سترتكز عليه الخطة العلاجية لاحقًا. 

ويتضمن برنامج التشخيص عدة فحوصات تشخيصية مهمة هي:

  • الفحص الإكلينيكي (البدني): يشمل فحص منطقة الرقبة للكشف عن أي كُتل صلبة موجودة، وكذلك فحص الغدد الليمفاوية المجاورة لمعرفة ما إذا كانت متورمة أم لا.
  • الأشعّات: تشمل التصوير بالموجات فوق الصوتية، والتصوير المقطعي المحوسب (CT scan).
  • تحاليل الدم: تتضمن التحاليل المعملية التي تهدف إلى قياس مستويات الهرمونات الدرقية في الدم، فمستويات هذه الهرمونات يُستدل منها على معدل نشاط الغدة وكفاءتها الوظيفية.
  • الحصول على عينة: يحصل الطبيب على عينة من نسيج خلايا الورم باستخدام إبرة مخصصة شديدة الدقة من أجل فحصها ميكروسكوبيًا.

هل تُعد جراحة الاستئصال سبيلًا إلى الشفاء من سرطان الغدة الدرقية؟

إنّ التدخل الجراحي جزء لا يتجزأ من خطة علاج سرطان الغدة الدرقية، ففي جميع الأحوال سيشكّل الإبقاء على الخلايا الخبيثة في الجسم -وتركها دون تحجيم معدل انتشارها- خطورة شديدة على حياة المريض.

ولذلك يستهدف التدخل الجراحي الاستئصال الكامل أو الجزئي للغدة الدرقية بحسب حالة المريض ومدى شراسة الورم الذي يعانيه، وقد يتضمن -أيضًا- استئصال العُقد الليمفاوية المجاورة في الرقبة إذا شك الطبيب في وجود احتمال لانتشار الورم إليها. 

ومن أجل ضمان الشفاء التام من سرطان الغدة الدرقية بعد الجراحة، قد يضع الطبيب المختص خطة علاجية تكميلية للتأكد من خلو جسم المريض من الخلايا السرطانية، وتشمل تلك الخطة الخضوع للعلاج الكيماوي أو الإشعاعي.

أخيرًا..

عادةً ما يشعر بعض المرضى بالقلق تجاه فكرة العيْش من دون وجود الغدة الدرقية بعد جراحة الاستئصال، ولكننا اليوم نطمئنهم موضحين أن الطبيب المختص سوف يصف لهم أدوية هرمونية تعوّض الجسم عن نقص الهرمونات الدرقية لكي لا تتأثر عمليات الجسم الحيوية، وسيصبح كل شيء بخير.

للاستفسار عن أي تفاصيل أو حجز موعد للكشف مع الدكتور محمد عبد الحميد -استشاري جراحة الأورام والمناظير- يمكنكم التواصل معنا عبر الأرقام المتاحة في الموقع الإلكتروني.