مع الأسف أثبتت الفحوصات إصابتك بورم في الكلى..” جملة قصيرة مقتضبة يُلقيها الطبيب فتنقلب حياة مُستمعيها رأسًا على عقب، سواء كانوا المُصابين بالورم أو ذويهم. ولكن هل جميع أنواع اورام الكلى تستحق الذعر؟ لن يسعنا الحكم دون معرفة التفاصيل الطبية عن اورام الكلى، لذا سنتطرق في السطور التالية إلى توضيح كافة المعلومات حول طبيعة المرض وأعراضه والطرق المختلفة لـ علاج ورم الكلى.
ما هي اورام الكلى؟
تُعد اورام الكلى من الأورام الشائعة بين كبار السن ممن تتراوح أعمارهم بين 65 و 74 عامًا، وتزيد احتمالية إصابة الرجال بالورم ضعف النساء.
وهو نمو غير طبيعي للخلايا في أنسجة الكلى يتسبب في تكون كتلة نسيجية غير طبيعية يُطلق عليها الأطباء مصطلح “الورم”.
قد يقتصر نمو الورم في أماكن محددة في الكلية، ويُعرف بالورم الحميد، وقد ينتشر في أنسجة الكلية بالكامل وقد يمتد إلى الأعضاء المحيطة، وهو ما يُعرف بالورم السرطاني.
إقرأ ايضا: نسبة الشفاء من سرطان الكلى
أنواع سرطان الكلي
هناك أنواع مختلفة من سرطان الكلى، منها:
- سرطان الخلايا الكلوية (RCC)
وهو النوع الأكثر شيوعًا من بين أنواع سرطان الكلى لدى البالغين، ويمثل 85٪ من نسبة مُصابي سرطان الكلى، ويظهر عادةً على شكل ورم واحد في كلية واحدة، وقد يؤثر على الكليتين في بعض الأحيان.
يبدأ السرطان في الخلايا التي تبطن أنابيب الكلى (أنابيب صغيرة تعيد المغذيات والسوائل إلى الدم)، وينتشر إلى الأنسجة المُحيطة.
- سرطان الخلايا الانتقالية
يُمثل سرطان الخلايا الانتقالية 6٪ إلى 7٪ من جميع سرطانات الكلى، ويبدأ في منطقة اتصال الحالب بالكلى “منطقة الحوض الكلوي”، وقد ينتقل فيما بعد إلى أنسجة الحالب والمثانة.
- الساركوما الكلوية
وهو الشكل الأقل شيوعًا لسرطان الكلى، ويمثل 1٪ فقط من حالات الإصابة، ويتكون في الأنسجة الضامة في الكلية -وإذا لم يُعالج في الوقت المناسب- يمكن أن ينتشر إلى الأعضاء والعظام القريبة.
- ورم ويلمز
وهو أكثر أنواع سرطان الكلى شيوعًا عند الأطفال، إذ يمثل نحو 5٪ من سرطانات الكلى.
قد يكون سرطان الكلى أقل شيوعًا بين الأطفال، وعلى الرغم من ذلك يُشخص ما يقرب من 500 إلى 600 طفل بورم ويلمز كل عام في الولايات المتحدة.
اعراض ورم الكلى
قد لا ينتج عن سرطان الكلى أي أعراض ملحوظة في مراحل الإصابة المبكرة، ولكن مع نمو الورم، تبدأ شكوى المريض من عدة أعراض، تشمل:
- وجود دم في البول.
- ألم الخصر.
- التعب والإرهاق المستمر.
- فقدان الشهية يتبعه فقدان في الوزن.
- ضغط دم مرتفع.
هل تختلف اعراض ورم الكلى الحميد عن السرطاني؟
تتشابه اعراض ورم الكلى الحميد مع أعراض الورم الخبيث، وفي كلتا الحالتين يصعب تشخيص اورام الكلى إلا بعد زيادة نمو الورم وانتشاره، نظرًا لتشابهه مع أعراض أمراض الجهاز الهضمي الأخرى.
طرق علاج ورم الكلى
يمكن علاج ورم الكلى الحميد والتخلص منه نهائيًا عبر التدخل الجراحي واستئصال الأنسجة غير الطبيعية من الكلية المُصابة.
بينما يستوجب علاج ورم الكلى السرطاني استئصال الأنسجة والخلايا الخبيثة بالإضافة إلى الأنسجة المُحيطة بها، وقد تحتاج بعض الحالات إلى استئصال الكلية بالكامل.
عملية استئصال ورم الكلى
يمكن علاج ورم الكلى بإجراء نوعين من التدخلات الجراحية:
- أولًا: عملية الاستئصال الجزئي، يمكن علاج ورم الكلى باستئصال أجزاء بسيطة من أنسجة الكلية، حيث يزيل الجراح أنسجة الورم السرطاني والخلايا المحيطة المتضررة فحسب.
- ثانيًا: عملية الاستئصال الجذري، وتُجرى الجراحة باستئصال الكلية المُصابة بالكامل، وقد يضطر الجراح إلى استئصال جزء إضافي من الحالب (الأنبوب المؤدي إلى المثانة)، والغدد الكظرية أيضًا (الغدد الهرمونية الموجودة فوق الكلى).
يمكن أن يكون استئصال الكلية منقذًا للحياة، إذ تُصبح الوسيلة الوحيدة للتأكد من عدم انتشار الخلايا الخبيثة إلى أعضاء وأنسجة الجسم الأخرى.
يمكن إجراء الاستئصال الجزئي أو الكلي عن طريق الجراحة المفتوحة أو التدخل المحدود بالمنظار، ويقع على عاتق الجراح اختيار نوعية الجراحة المناسبة لكل حالة.
استئصال جزئي للكلى ام استئصال كلي؟ ايهما افضل؟ | دكتور محمد عبدالحميد
الفرق بين الجراحة بالمنظار والجراحة المفتوحة
يُجرى الجراحون عملية استئصال ورم الكلى بطريقتين مختلفتين، وهما:
- تُجرى عملية استئصال الكلية بالمنظار، وهي أداة صغيرة تتكون من أنبوب رفيع مرن وفي نهايته كاميرا، بالإضافة إلى عدة أدوات جراحية صغيرة يستخدمها الطبيب في استئصال الكلية عبر صُنع عدة شقوق صغيرة بالبطن.
- في حال إجراء الجراحة عبر التدخل المفتوح يقوم الجراح بصنع شق جراحي كبير على أحد جانبي الجسم بالقرب من الكلية المُصابة لرؤية وتحديد واستئصال الكلية مباشرةً دون الاستعانة بالمنظار أو الكاميرا المثبته في نهايته.
على الرغم مما تمتاز به جراحة استئصال الكلية بالمنظار من فوائد عن الجراحة المفتوحة، إلا أن الجراحين يلجؤون إلى الجراحة المفتوحة في بعض الأحيان عندما لا تكون الجراحة التنظيرية خيارًا مناسب، مثل:
- عدم استجابة بعض الأشخاص بصورة جيدة للتخدير لفترات طويلة، وهو ما تتطلبه الجراحة التنظيرية.
- زيادة حجم الورم، فتُصبح الجراحة المحدودة (التدخل بالمنظار) خيارًا غير مثالي للتخلص من الورم.
ما بعد عملية استئصال الكلية
بعد علاج ورم الكلى بالتدخل الجراحي يحتاج المريض إلى البقاء في المستشفى لعدة أيام إضافية -من يوم إلى خمسة أيام بعد الجراحة- لمراقبة علاماته الحيوية.
كما تعتمد مدة مكوث المريض بالمستشفى على نوعية الجراحة التي خضع لها، فعادة ما تستوجب الجراحة المفتوحة فترة أطول من الجراحة التنظيرية.
سيقوم الفريق الطبي بمراقبة ضغط دم المريض أولًا بأول ومراجعة مستويات السوائل المختلفة في الجسم.
وقد يتعين على المريض استخدام قسطرة بولية (أنبوب مجوف لتصريف البول) في الأيام القليلة الأولى بعد الجراحة.
قد يتسبب الجرح في شعور المريض بآلام حادة في البطن خلال الأيام الأولى من الجراحة، وقد يشعر بتنميل وخدر بسيط في الجسم، تلك أعراض مؤقتة لا داعي للقلق منها، وستزول خلال أيام قليلة ويمكن السيطرة عليها بواسطة المسكنات أيضًا.
نظرًا لصُنع الشق الجراحي بالقرب من الحجاب الحاجز (العضلة الموجودة أسفل الرئتين)، قد يكون من الصعب على المريض التنفس براحة، ولذلك يُنصح بالقراءة عن تمارين التنفس المناسبة لإدارة العرض حتى التعافي من آثار الجراحة.
ملحوظة: على الأغلب سيحتاج المريض المُصاب بأورام الكلى السرطانية إلى الخضوع للعلاج التكميلي والذي يتضمن العلاج الإشعاعي أو الكيماوي.
متى يُشفي المريض من آثار جراحة استئصال الكلية؟
بعد العودة إلى المنزل، قد يتمكن المريض من العودة لأداء بعض الأنشطة اليومية البسيطة خلال أسبوع أو أسبوعين، ولكن ينبغي مراعاة تجنب رفع الأشياء الثقيلة أو أداء الأنشطة الشاقة لمدة ستة أسابيع على الأقل.
بعد ستة أسابيع، ينبغي للمريض الخضوع للفحوصات الطبية من جديد لتقييم وضع ووظيفة الكلية المتبقية، ومن أهم تلك الفحوصات فحص الدم.
بناءًا على نتائج الفحص يُحدد الطبيب ما إن تم علاج سرطان الكلى نهائيًا، ومدى إمكانية عودة المريض إلى حياته الطبيعية ما قبل إجراء الجراحة، ويصف المزيد من التعليمات التي تُساعد على التعايش بعد الجراحة بأمان.
وننوه على اختلاف نسبة الشفاء من سرطان الكلى باختلاف نوع السرطان ومدى انتشاره بين أنسجة الكلى.
ما هي المخاطر المحتملة لاستئصال الكلية؟
تنطوي جميع التدخلات الجراحية على عدة مخاطر أشهرها: الإصابة بالعدوى والنزيف خلال إجراء الجراحة، وهو ما تنطوي عليه جراحة استئصال الكلية أيضًا.
قد تشمل مُضاعفات الجراحة احتمالية الإصابة بالفشل الكلوي خاصةً في حال مرض أو تلف الكلية المتبقية.
متى ينبغي مراجعة الطبيب على الفور؟
ينبغي على المريض الخاضع لـ علاج ورم الكلى عبر الاستئصال الكلي أو الجزئي مراجعة الطبيب فوريًا في حال مواجهة أي عرض من أعراض الفشل الكلوي، والتي تشمل:
- تغيرات في التبول، من حيث الكم واللون والرائحة.
- تورم الساقين أو أسفل الظهر أو الوجه.
- ارتفاع ضغط الدم لفترة طويلة.
- الغثيان والقيء المستمر.
للمزيد اقرأ: افضل دكتور جراحة اورام في مصر
هل يؤثر علاج ورم الكلى واستئصالها على حياة المُصاب؟
استئصال أي عضو من أعضاء الجسم سيؤثر على أدائه للعمليات الحيوية، لذا يحتاج المرضى الذين خضعوا للجراحة ويعيشون حياتهم بكلية واحد فقط إلى المزيد من الحرص والرعاية الطبية المستمرة لمراقبة وظائف الكلى.
قد تحتاج إلى إجراء تحليل البول واختبارات الدم مرة واحدة على الأقل في السنة، والمتابعة المستمرة مع طبيب متخصص.
سيتعين عليك الابتعاد عن الأنشطة التي قد تزيد من مخاطر إصابة وتضرر الكلية، على سبيل المثال الرياضات التي تتطلب احتكاكًا مباشرًا وتدخلات عنيفة، مثل: كرة القدم أو المصارعة.